وصف الجنةالشيخ حسن الحسينيلن تدخل الجنة بعملكيُذكر أنَّ رجلاً من بني إسرائيل، عبدَ الله في جزيرة، منقطعًا عن كل شيء، والذي يعيش لوحده سينقطع عن أغلب المعاصي، فلا يمكنه الكذب ولا الزنى ولا الغشُّ ولا الغيبة.. ولا أمثالها من الذنوب، فليس أمامه إلا حجارة وحطب، فجلس هذا العابد على هذه الجزيرة، يعبد الله طيلة حياته، فلما توفّاه الله، قال: يا عبدي، ألك ذنوب؟ قال العابد: لا، ما أظن أني أذنبتُ ولا عصيتُك يا رب! قال الله: هل تريد أن تدخل الجنة بعملِك أم برحمتي؟ قال العابد: بل بعملي -يعني تكاثر عمَله الصّالح خلال حياته- قال الله عز وجل: يا ملائكتي، قَايِسُوا عبدي بِنعمتي عليهِ وبِعملِهِ، فلمّا فعلوا.. وجدوا أنَّ صلاته وعبادته وشكره خلال سنوات عمره، لا تعادل إلا نعمة البصر! والبقية هالكٌ فيها، فقال الله: خذوه إلى النار، فصاح العابد وقال: يا رب، أدخلني الجنة برحمتك! فقال الله: أدخلوه الجنّة../ نعم، مهما عبدنا الله، فلن ندخل الجنة إلا برحمة الله! فيا من تتمنَّن بصلاة ركعتين، أو بصدقةٍ من درهمين، أو بقراءة عشر آيات، أو ترديد بعض تسبيحات! حذار.. منَ الاغترار بالأعمال، ومنَ الاتكال عليها، ومنَ الركون إليها، قال أبو هريرة t: سمعتُ رسول الله e يقول: "لن يُدخل أحدًا عملُه الجنة، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: لا، ولا أنا، إلا أن يتغمدنيَ الله بفضل ورحمة، فسدّدوا وقاربوا"، لا يُعرف أحدٌ أبداً، عنده يدٌ عند الله! كلنا عنده فقراءُ ومخطئون، كلنا مسيئون ومقصرون، رحماك يا رب! إن لم تتغمَّدنا برحمتك هلكنا!! أيّها المشتاق للجنّة.. هب أنك بذلت نفسك لله، وبذلت مالك لله.. أليس الله هو خالق هذه النفس؟ أليس هو واهب هذا المال؟ فإذا أدخلك الكريم الجنة، ألا يكون متفضلا؟ وهذه العبادات التي تؤديها، كم استغرقت من زمن؟ عشرين عامًا؟ أم مائة عام؟ في المقابل.. يُدخلك الله جنةً عرضها السماوات والأرض، تستمتعُ فيها بلا زمن! خالدًا مخلدًا فيها أبدًا! وانظر إلى سلسلة الأعمال التى تؤديها، خلال فترة المحيا على هذه الأرض، كم يكتنفها من علل النفس، وآفات التقصير؟ إنها لو كانت أعمالَ غيرك فعُرضت عليك أنت، ما قبلتها! لما فيها من غفلةٍ وقصور، ونقصٍ وعيب! نعم.. على المؤمن أن يعمل ويجتهد، لكنه لا يتطاول بعمله أبدًا!/ وقد يقول قائل، الله تعالى يقول: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف:72] فكيف نوفّق بين هذه الآية وبين حديث: "لن يُدخِل الجنةَ أحدًا عملُه"، والجواب: بأنَّ "الباء" في الآية سببية، بمعنى: أنّ الأعمال هي مجرد سبب لدخول الجنة، وليست "الباء" باءَ عِوَض، باءُ العوض كأن تقول: أعطاني القلم بدينار، فالدّينار ثمنٌ للقلم، أما الجنة فليست عوضًا عن أعمالنا وعباداتنا، فهي لا تستحق أن يُعطى الإنسان عليها الجنة، لكنها سببٌ. وهذا رأي، وذهب ابن القيم إلى قول آخر، وهو: أنّ المؤمنين يكون دخلوهم الجنة برحمة الله، فإذا دخلوا الجنة، تتوزّع عليهم الدرجات والمنازل حسَب أعمالهم، وهذا رأيٌ أحسن من القول الأول. والله أعلم. مرحبًا عشاق البودكاست!إذا كنت تحب ما تسمعه، فلماذا لا تعلن عن عملك معنا؟انقر على الرابط أدناه، دعنا نوصل رسالتك إلى جمهورنا الرائع!https://admanager.fm/client/podcasts/eoaميزات الإعلان على البودكاست الخاص بنا:جمهور كبير ومتفاعل: لدينا جمهور كبير من...